
هآرتس | عوزي برعام
جمل كثيرة يتم اطلاقها في الهواء، معظمها تزامن كلمات معروفة. وتشعر أحيانا بالتضامن معها، مثل "دولة يهودية ديمقراطية"، وأحيانا تشعر بالتحفظ منها مثل التعبير "شعب يسكن وحده"، الذي يسعى إلى القول إننا لسنا مثل باقي الشعوب، والمعايير التي تنطبق علينا مختلفة.
كمواطن منفتح أنا أدرك اللغة والتشديدات، ولا توجد جملة يمكنها اخراجي عن طوري. وأنا أدرك عمق الاختلافات في المجتمع الديمقراطي، لذلك إذا قمت بتبني جملة فان هذا قد يخلق تحفظا عميقا عند الآخرين. لكني لاحظت مؤخرا تزامن كلمات يخرجني عن طوري ويسبب لي عدم الراحة والاحباط. المقصود هنا تعبير "معارضة مسؤولة".
من يقول إنه معارض مسؤول يحظى بالتصفيق من البعض وببضعة "لايكات" في الفيسبوك: اليكم شخص، رغم اعتراضه على السلطة القائمة، فانه يتصرف بشكل معتدل مقصود، وبالطبع – بمسؤولية. لكني اعتقد أن رؤساء أحزاب المعارضة الذين يعلنون أنهم معارضة مسؤولة، يعطون الحكومة قوة كبيرة، ويزيدون من فترة سيطرتها.
عدم موافقة المعارضة على الموضوع الاجرائي الذي وقف وراء صيغة الغاز، أثبت أنه ليس في موضوع صيغة الغاز بل على هامش هذا الموضوع، يمكن جمع اطياف المعارضة من أجل الهدف الوحيد الذي يجب أن يقف أمامها، اسقاط الحكومة الحالية. صحيح أن أفيغدور ليبرمان وحزبه هم رائحة كريهة زائدة في المعارضة، وليسوا جزءً حقيقيا منها. إلا أن ليبرمان بالتحديد، القريب في روحه إلى نفتالي بينيت وأتباعه وزئيف إلكين وأتباعه، وياريف لفين وأتباعه، لا يلبس القناع ولا يزعم أنه يتصرف بمسؤولية. إنه يريد اسقاط حكومة نتنياهو لأسباب غير صحيحة بتاتا.
ما الذي يفعله الباقون؟ يتسحاق هيرتسوغ ويائير لبيد يتنافسان حول من هو الاكثر مسؤولية، لدرجة أنهما يقفان وهما خائفين دقيقة صمت وتضامن مع جنود الجيش الإسرائيلي الذين يقاتلون الاسطول المتجه إلى غزة. وعندما ينتهي كل شيء يصفقون بقوة. معروف أن المعارضة المسؤولة لا تكون لعبة في يد الحكومة، بل هي تؤثر على الشباب والشعب. ومعروف أن الصراع ضد المستوطنات التي هي المشكلة الاكثر عمقا والاكثر تأثيرا في مكانة إسرائيل في العالم، سيكون صراع ضد البناء خارج الكتل الاستيطانية الكبيرة. وكأن هناك شخص يعرف التمييز. المعارضة المسؤولة لا تكشف عن مشكلاتنا الحقيقية التي يجب النضال من اجل حلها، بل هي تتفهم وتتصرف بشكل معتدل وبقانونية.
أنا ما زلت أمتحن نفسي: لماذا تسبب لي كلمات "المعارضة المسؤولة" حساسية متواصلة. وأفهم أن المعارضة لديها استطلاعات، وأن هناك اوقات تفرض علينا أن نتوحد، وهناك اوقات تستوجب النضال من اجل التغيير. الجواب هو أنه لا مكان لمعارضة مسؤولة عندما تكون الحكومة حكومة يمين صهيونية، تقوم بإرسال تسيبي حوطوبيلي إلى وزارة الخارجية عمداً، من اجل افشال الحملة الدولية التي تتم ضدنا، وعندما لا يكلف رئيس الحكومة نفسه عناء التنديد بكلمات نائب وزير الداخلية ضد المواطنين العرب.
هناك غياب كامل للمسؤولية عن كونها "معارضة مسؤولة" لحكومة غير مسؤولة عن القيم الاساسية في وثيقة الاستقلال، وتستخف بالنضال ضد الاحتلال. وفي نشرة عن نتنياهو تم ذكر أنه فوق الاحتلال.
المعارضة التي تتابع كل هذا ستكون مسؤولة جدا جدا.