
الخوف من التصعيد الأمني
في نهاية المطاف ستنجح قوات الأمن في القبض على المخرب الذي قتل يوم الجمعة داني غونين وأصاب إسرائيليا آخر. وإذا كانت بالفعل صحيحة التقديرات بأن الحديث يدور عن مخرب عمل وحده، فان المطاردة كفيلة بأن تستغرق زمنا أطول مما يؤمل، مما من شأنه ان يزيد الخطر في أن يعود ليعمل من جديد.
إن تحدي "الذئب المنفرد" – ذاك المخرب الذي يعمل وحده، دون مؤشرات دالة وفي الغالب دون أن يبلغ احدا – يشغل بال جهاز الامن في السنوات الأخيرة، ولكن رغم كل الجهود لم تنجح المخابرات والجيش بعد في ايجاد الطريقة الناجعة التي تسمح بتوقع واحباط مخططات شخص منفرد، يعمل فجأة بشكل مختلف. يحتمل أن هذا ما حصل أيضا يوم الجمعة؛ في الماضي سبق ان كانت حالات خرج فيها فلسطينيون من صلاة رمضان "معززين" دينيا فتوجهوا لتنفيذ العمليات.
من تحليل العملية يمكن التقدير بأن المخرب كان يعرف المنطقة، يعرف بان الإسرائيليين اعتادوا على النزول إلى النبع وانتظرهم. وفي السنوات الأخيرة تطورت جدا السياحة الإسرائيلية في المناطق، فيما يكثر الشباب من زيارة الينابيع (والامر بارز على نحو خاص في الفترة الحالية التي يدخل فيها السبت متأخرا)، وفي الغالب دون تبليغ أو تنسيق مسبقين. مثل هؤلاء المتنزهين هم هدف سهل نسبيا للاصابة؛ في الماضي نفذت عمليات مشابهة أساسا من قبل خلايا ارهابية، اما الان، كما اسلفنا، تميل اوساط جهاز الامن إلى استبعاد امكانية أن تكون حماس هي المسؤولة، وهي التي تعاني من ضعف واضح في البنى التحتية في معظم مناطق الضفة.
غونين هو القتيل الإسرائيلي الثاني هذه السنة في عمليات في القدس وفي المناطق (الاول كان يوحاي شالوم شركي الذي قتل قبل نحو شهرين في القدس)، وذلك مقارنة بـ 19 قتيلا في السنة الماضية، منهم ستة في عمليات اطلاق نار. ولكن في الاشهر الأخيرة يلاحظ جهاز الامن ارتفاعا تدريجيا في حجم الارهاب، مع التشديد على عمل المخربين الافراد ورشق الحجارة والزجاجات الحارقة.
في إسرائيل يعتقدون أن هذا الارتفاع ليس منظما، ولهذا فإنهم يعارضون تشديد الاجراءات الأمنية في الضفة، مثلما طالب بعض قادة المستوطنين بعد العملي. وعلى خلفية غياب الانذارات بعمليات قاسية، فالتخوف هو ان نشاطا أمنيا متصلبا – وبالتأكيد مثل ذاك الذي سيتم في شهر رمضان – سيعصف بالخواطر في اوساط السكان، ومن شأنه ان يؤدي بالذات إلى تصعيد امني. ومع ذلك، فان الاحداث الأخيرة تستدعي من الجيش الإسرائيلي على الأقل أن يزيد "احساس الامن" لدى السكان، ومن المخابرات ان تلقي القبض في اقرب وقت ممكن على منفذ العملية – كي تعاقب وبالأساس كي تحبط.